أنـــــا و تــــــاون .. و أيـــــام لا تُنسي ..

كانت لدينا مزرعة ..
كان بها بقر و خرفان .. دجاج و نعام و أحصنة ..
و كان " تاون" هو حصاني المفضل ..

كان لونه مختلط ما بين البني و الأبيض كأنه كوب من الكابتشينو الساخن الذي كانت تعده جدتي ..
كان له شعر كالحرير كنت اعشق ترطيب يدي بإمرارها بين ثناياه ..

كان "تاون" اروع صديق علي علي الاطلاق..
اذكره عندما كان مهرا ضعيفا ماتت والدته اثناء انجابه ..
كنت دائما اشعر ان ذلك الفقد ربي الحزن بداخل "تاون"..

تربيت و كبرت مع "تاون" ..
كنا نأكل الجزر سويا .. و كان دائما يتدلل عليّ و انا اسقيه المياه ..
كنت اركبه بلا خوف ..
اعلم جيدا ان " تاون" يخاف عليّ كابنته رغم انني .. فتاة ..

كان رائعا في كل شيئ ..
كان يتسلق بي التل و يسابقني للبحيرة ..

و في يوم ما كنت علي ظهره و كلي فرح ..
فاليوم عيد ميلاده ..
و فجأة..
و دون اي مقدمات ..
وجدته يلقيني لاسقط علي قدمي و يجري مبتعدا ..

تألمت بشدة .. ليس من وجع السقطة ..
و لكن لماذا يفعل "تاون" هكذا ..

عدت الي البيت و كلي ألم ..
و لم يظهر "تاون" رغم انهم قتلوا المكان بحثا عنه ..

و مع المساء و اثناء انتظاري بلهفة فالشرفة وجدت طيف واهن جدا من بعيد انه "تاون" ..
نزلت مسرعة

كان "تاون" يسير بوهن ..
جاء الطبيب : "تاون" مريض بداء لا افهمه!!

سهرت ليلا و نهارا اعتني به ..

"تاون" أيها الأخ قبل الصديق ..
أيها الصديق قبل الحبيب ..
أيها الحبيب قبل كل شيئ ..
أتترك فتاة تتنفس حبك ..؟!
أيطاوعك قلبك علي ذبح قلبها بسكينة فراقك ..؟؟!!
و "تاون" يهمهم بوهن كأنه يجاوبني بالنفي ..

ظل "تاون" علي هذا الحال لأسبوع ..
ننام سويا ..
و نأكل قليلا..
حتي في يوم من الايام أثناء جلوسي بجواره اذ اجد "تاون" ينحني لأسفل ليجلس علي جنبه بين ذراعي و ينظر لي و تسقط دمعات مني علي جبين "تاون" .. حتي يغلق عينيه للأبد ..

تسودت كل المزرعة أناسها و حيوانتها و طيورها ..
ساد الصمت كل شيئ ..
و دُفن "تاون" بحظيرته ..

و تركت المزرعة و ذهبت للعيش في المدينة ..
و حتي الان اذهب في ذكري عيد ميلاده لاضع له الجزر و المياه ..
و لكن البرد قارس جدا ..
فالمزرعة بعد رحيله قطب لا يمكن البقاء فيها ..

بقي شهور قليلة و يأتي العام الجديد ..
و فيه تكون الذكري العاشرة لرحيل "تاون" ..

الغالي : تاون
1991-1999